يُعتبر تعليم تجويد القرآن للأطفال من أهم المهارات التي يمكن غرسها في الطفل منذ الصغر، حيث يُسهم في بناء أساس قوي للتلاوة الصحيحة وفهم عميق لكلام الله. لذلك نحن في أكاديمية لقمان نحرص على إتقان التجويد للأطفال الذي يؤدي إلى تحسين قراءة الطفل للقرآن وفق الأحكام القرآنية، مما يُعزز إدراكه لمعاني الآيات. في هذا المقال، سنتناول منهج تعليم التجويد، وأحكامه الأساسية، وأفكارًا لأنشطة تفاعلية تساعد على تحفيز الأطفال.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة» (صحيح الجامع 6469). يُظهر هذا الحديث أهمية الحفظ والتلاوة الصحيحة للقرآن، مما يرتبط بمبادئ التجويد.
⇐ منهج تعليم تجويد القرآن للأطفال…
إن منهج تعليم التجويد للأطفال يحتاج إلى التدرج والبساطة، مع مراعاة احتياجات كل مرحلة عمرية. ويشتمل هذا المنهج على مراحل تساعد الأطفال على إتقان التجويد تدريجيًا مثل المنهج الذي نُقدمه في أكاديمية لقمان:
- البداية بتعليم مخارج الحروف: يتعلم الطفل كيفية نطق الحروف القرآنية بشكل صحيح، بدءًا من المخارج السهلة كحروف الشفتين، ثم الانتقال تدريجيًا إلى المخارج الأخرى كحروف الحلق. يقول الله تعالى: {وَرَتّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (المزمل: 4)، مشيرًا إلى أهمية إخراج الحروف بوضوح.
- التدرج في تعليم الأحكام الأساسية: بعد تعلم المخارج، يمكن البدء بالأحكام البسيطة مثل الإظهار، ثم الانتقال إلى أحكام أخرى كالقلقلة والإدغام، مما يُساعد الطفل على بناء قاعدة قوية. يقول تعالى في كتابه الكريم: {وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} (الإسراء: 106)، في إشارة إلى التدرج في التلاوة.
- التطبيق العملي من خلال آيات مختارة: استخدام آيات قرآنية للتطبيق العملي يساعد الطفل على تعلم الأحكام بفعالية. على سبيل المثال، يمكن استخدام آية {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ} (الناس: 1) للتدريب على حروف التفخيم والترقيق.
هذا التدرج في المنهج يجعل الطفل يتقن أحكام التجويد بطريقة ميسرة وممتعة، ويغرس فيه حب تلاوة القرآن بمهارة.
كما يمكنكم الاطلاع على تحفيظ القرآن للأطفال عن بُعد: بداية رحلتهم الإيمانية
⇐ أحكام التجويد الأساسية…
تُمثل أحكام التجويد الأساسية القاعدة التي يستند إليها الطفل في قراءة القرآن، وهي تساعده على التلاوة بوضوح وجمال. ومن هذه الأحكام:
- الإظهار: يتم نطق الحرف بوضوح دون إدغام مع الحروف الأخرى، ويطبق هذا الحكم مع حروف “أ، هـ، ع، غ، ح، خ”. يُمكن للطفل تطبيق هذا الحكم عند قراءة آيات مثل {أَفَمِنْ هَٰذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ} النجم:(59).
- الإخفاء: يطبق عند نطق النون الساكنة أو التنوين مع حروف الإخفاء، ويعد أسلوبًا لدمج الحروف دون وضوح كامل، مما يُضفي على التلاوة طابعًا مميزًا. مثال على ذلك قوله تعالى: {يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مّنْ أَرْضِكُمْ} (الأعراف: 110).
- الإدغام: يتم إدماج حرفين معًا، مثل {وَمَن يُؤْمِن بِاللّهِ} (التوبة: 61)، حيث يمكن للطفل تعلم تطبيق هذا الحكم في قراءته للقرآن مما يُضفي إيقاعًا لطيفًا على التلاوة.
- القلقلة: تضفي القلقلة جمالية على القراءة، حيث يتم نطق بعض الحروف بحركة خفيفة. يمكن للطفل التدرب على القلقلة من خلال قراءة آيات مثل {وَالْفَجْرِ} (الفجر: 1).
إن تعلم هذه الأحكام يساعد الطفل على تطوير مهارة القراءة، حيث يصبح قادرًا على قراءة القرآن بإتقان ويستمتع بجمال النطق وسلاسته.
⇐ الأنشطة التفاعلية في التجويد
لجذب اهتمام الأطفال وتحفيزهم على تعليم تجويد القرآن للأطفال، يُمكن استخدام أنشطة تفاعلية تجعل التعلم أكثر متعة. ومن أمثلة هذه الأنشطة:
- بطاقات الأحكام: يمكن استخدام بطاقات بألوان مختلفة، يمثل كل لون حكمًا معينًا، مثل اللون الأخضر للإظهار والأزرق للإخفاء. هذه الطريقة تُشجع الطفل على التركيز أثناء القراءة. يُمكن تطبيق هذا النشاط مع آيات قصيرة مثل {قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ} (الإخلاص: 1) لتسهيل التفاعل.
- الاستماع والتقليد: من خلال الاستماع إلى مُقرئين مميزين، يتعلم الطفل أحكام التجويد من خلال تقليدهم، مما يجعله يتعلم دون جهد كبير.
- التطبيقات التعليمية: توجد تطبيقات تساعد في تعليم التجويد بأسلوب شيق، حيث يمكن للطفل ممارسة الأحكام من خلال ألعاب وأدوات تعليمية، مما يجعله يتعلم بأسلوب ممتع وفعال.
هذه الأنشطة تساعد في جعل التعليم تفاعليًا ومثيرًا، وتشجع الطفل على التعلم بفرح، كما أنها تُسهم في تعزيز مهارته في تلاوة القرآن.
⇐ أساليب تفاعلية في تحبيب الطفل في التجويد
لضمان استمرار اهتمام الطفل بتعلم تجويد القرآن للأطفال، يُمكن استخدام أساليب تحفيزية تساعده على حب التجويد وتقدير جمال التلاوة:
- التشجيع بالمكافآت: منح الطفل مكافآت بسيطة عندما يُتقن حُكمًا معينًا يُعزز من دافعيته للتعلم، مثل منحه نجمة أو شهادة تقدير صغيرة.
- التلاوة أمام الأسرة: عندما يقرأ الطفل القرآن بمهارة، يمكن دعوته لتلاوة بعض الآيات أمام الأسرة، مما يُعزز ثقته بنفسه ويُشجعه على تحسين أدائه.
- ربط الأحكام بمعاني الآيات: عند تفسير معاني الآيات وربطها بالأحكام التجويدية، يتمكن الطفل من فهم العلاقة بين النطق والمعنى. على سبيل المثال، يمكن تفسير آية {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} (البلد: 4) وشرح معنى كلمة “كبد” وأهمية النطق الصحيح.
تُساعد هذه الأساليب في إكساب الطفل حب التجويد وتقدير جماله، مما يجعله يستمتع بتلاوة القرآن الكريم.
يُعتبر تعليم تجويد القرآن للأطفال من أفضل الهدايا التي يمكن أن نقدمها لأبنائنا، فهو يُسهم في بناء قاعدة قوية للقراءة الصحيحة ويغرس فيهم حب القرآن. من خلال استخدام المنهج المناسب والأحكام الأساسية والأنشطة التفاعلية، يصبح الطفل قادرًا على تلاوة القرآن بإتقان وجمال. وختامًا، يقول الله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لّيَدَّبّرُوا آيَاتِهِ} (ص: 29)، مما يشير إلى أهمية تعلم وتدبر القرآن الكريم منذ الصغر.